عندما تنوي الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية زيادة رؤوس أموالها لأجل تمويل نموها والتوسع في تقديم منتجاتها وخدماتها فإنها قد تختار القيام بذلك من خلال إحدى آليتين: إما منح أسهم مجانية يتم رسملة قيمتها من الاحتياطي المالي النظامي للشركة، أو عن طريق طرح أسهم حقوق أولوية بسعر تحدده الشركة مع مستشارها المالي وتستوجب الحالتين الإذن والموافقة من هيئة السوق المالية.
والفارق بينهما أن آلية منح الأسهم المجانية تعود ملكية الأسهم فيها بعد التوزيعات إلى جميع المساهمين في الشركة دون استثناء، في حين أن طريقة طرح أسهم زيادة رأس المال وفق حقوق الأولوية َتمنح للمساهم المقيد في سجلات الشركة في (تداول) فقط الأولوية في الاكتتاب عندما يختار المساهم ممارسة حقه القانوني في هذا الاكتتاب. وطبقت هيئة السوق المالية آلية جديدة تستهدف تحقيق أهداف المستثمرين ورعاية مصالحهم. والآلية الجديدة تتيح الاكتتاب لجميع المساهمين الراغبين في شراء الأسهم التي لا يتم الاكتتاب فيها. هنا تفاصيل حول الآلية السابقة والآلية الجديدة لطرح أسهم حقوق الأولوية.
الخلل في آلية طرح أسهم حقوق الأولوية حسب النظام السابق
يكمن الخلل في آلية طرح أسهم حقوق الأولوية حسب النظام السابق في أن هناك شريحة كبيرة من حملة الأسهم لا يمارسون حقهم الممنوح لهم قانوناً بالاكتتاب في أسهم زيادة رأس المال لأسباب عديدة أهمها:
1 - عدم متابعة أخبار السوق المالية والشركات المتداولة فيه.
2- ضعف وعي المستثمرين بأدوار المستشارين الماليين في شركات الوساطة المرخصة.
3- عدم توافر السيولة للراغبين من المستثمرين للاكتتاب في أسهم حقوق الأولوية.
وعدم ممارسة هذا الحق القانوني من قبل شريحة من حملة الأسهم يجعل هذه الشريحة عرضة للغبن المتحقق من تعرضهم للخسائر بعد تعديل سعر السهم المرافق لتحديد موعد أحقية الاكتتاب. في مقابل تحقق المكاسب للمساهمين المتبقين الذين قرروا شراء الأسهم التي تخلف مستحقوها عن الاكتتاب بها والتي تمنح لهم من خلال التغطية الإضافية للمتبقي من الأسهم التي قررت اختيار الفئة الأولى عدم الاكتتاب بها.
مسؤولية الهيئة عن حماية حقوق المساهمين ورعاية مصالحهم
أوضحت دراسة إحصائية قامت بها هيئة السوق المالية على عينة من الشركات التي قامت بزيادة رأسمالها في السنتين الأخيرتين من خلال طرح أسهم حقوق أولوية، أن نسبة حملة الأسهم الذين لم يمارسوا حقهم في الاكتتاب، وغالبيتهم من صغار المستثمرين، قد وصلت إلى 76 في المائة من إجمالي حملة الأسهم في بعض الحالات، بينما كانت ملكيتهم تصل إلى 25 في المائة من إجمالي عدد الأسهم المصدرة لهذه الشركات (وتنخفض هذه النسبة بطبيعة الحال بعد زيادة رأس المال نتيجة لعدم ممارسة حقهم بالاكتتاب).
وانطلاقاً من مسؤولية هيئة السوق المالية تجاه حماية حقوق المساهمين ورعاية مصالحهم، ووفق ما أشارت إليه نتائج هذه الدراسة، فقد قرر مجلس الهيئة النظر في حلول تسهم في تقليل خسائر المساهمين الذين تفوتهم فرصة ممارسة حقوق الأولوية العائدة لهم، وقامت الهيئة بدراسة عدد من البدائل بهدف تطبيق آلية تخصيص تحافظ على حقوق جميع حملة الأسهم المسجلين بنهاية تداول يوم انعقاد الجمعية العامة غير العادية.
آلية طرح أسهم حقوق الأولوية حسب النظام الجديد
تتيح الآلية الجديدة الاكتتاب لجميع المساهمين الراغبين في شراء الأسهم التي لا يتم الاكتتاب فيها. ويقوم الراغبون بالاكتتاب بتقديم عروض الشراء بأسعار تبدأ من سعر الطرح كحد أدنى، وتتصاعد عروض الشراء بعد ذلك بشكل متزايد.
وإذا تم الاكتتاب بسعر أعلى من سعر الطرح، فإن الفوارق السعرية تذهب في شكل تعويضات لكل من لم يمارس حقه في الاكتتاب.
وروعي في هذه الآلية ثلاثة عناصر مهمة:
أولاً: قصر حق الاكتتاب في الأسهم التي لا يتم الاكتتاب بها على حملة الأسهم المسجلين بنهاية يوم الجمعية العامة غير العادية.
ثانياً: توخي تحقق عدالة أسعار عروض الشراء للأسهم التي لا يتم الاكتتاب بها، بحيث يكون أحد الأسعار مساوياً لسعر الطرح وبقية الأسعار تزيد على هذا السعر، لكن بمستويات عادلة، وتمكن المكتتب من اختيار السعر الذي يراه مناسباً مقارنة مع السعر السوقي السائد وقت الاكتتاب.
ثالثاً: إمكانية التقليل من الخسائر المترتبة على عدم ممارسة بعض حملة الأسهم لحقوقهم في أسهم زيادة رأس المال من خلال التعويض المتحقق لهم من الفوارق العائدة عن الاكتتاب بأسعار أعلى من سعر الطرح