إليك أنت أيها المستثمر أوجّه هذا النداء، وأؤكده بصوتٍ أعلى تجاهك أنت أيها المستثمر المصنّف على أنه أحد صغار المستثمرين، قمْ الآن بطرد الأسهم البائرة من محفظتك الاستثمارية، قمْ بذلك قبل أن تجرّك إلى هاويةً أعمق وأكثر كارثة من تلك التي جرّتك إليها في وقتٍ مضى، ولا تزال توهمك إلى الآن أن فيها الفرج بعد الضيق، وما علمتَ أنها الضيق بعينه الذي سيعقبه ضيق أشد. التفت من حولك في جميع أروقة السوق المالية السعودية؛ ماذا تشاهد؟ ألم تلاحظ إلى الآن أن قواعد اللعبة قد تغيرت، بل قل انقلبت رأساً على عقب؟ ألم يلفت انتباهك أن شيئا ما يحدث طرأ على اتجاهات السوق وتعاملاتها منذ مطلع الربع الأخير من العام الماضي 2007؟ هل ما زلت تستمع إلى أبواق الشائعات المضللة والمفلسة أن شركات "الفَلَس" سيأتيها حظها قريباً من الصعود؟ وما ذلك إلا وهم من يحسب كل سرابٍ يراه ماء. هل ستنتبه إلى الخطر المحدق بأموالك التي استودعتها في أسهمٍ لا تسمن ولا تغني من جوع، كل ذلك لأنك وقعت تحت تخدير تلك الشائعات المتورط أصحابها في قرارات الضلال؟! قد أكون قاسياً في حديثي إليك! ولكن تأكد أن قساوة حديثي هنا لن تصل أبداً إلى قساوة التطورات المقبلة قريباً على سوقنا المحلية!! حينما ترى أموالك المتورطة في أسهم "الخشاش" تذوب أمامك كالشمعة، ولن تنفعك حينئذ آهات الندم والحسرة على فوات الفرصة عليك، وأن ما تحسبه قساوة مني عليك ليس إلا جزءاً بسيطاً من قلقي على إخوةٍ لي في الدين والوطن.
أخويَّ المستثمر والمستثمرة؛ أمامكما اليوم فرص استثمارية عديدة، ليس عليكما إلا انتهازها قبل أن تنهشكما فخاخ الشائعات وتوصيات الغباء، وتنجوان بأموالكما من ورطتين أكبر مما قد تتصوران، وأبعد من حدود خيالكما بمسافةٍ بعيدةٍ جداً! الورطة الأولى: أسهمٍ بائرة ستعجزان غداً عن إيجاد من يشتريها حتى ولو عرضتماها في محال "كل شيء بريال"، ولكما فيما حدث لملاك بعض تلك الشركات عبرة، لا جعلنا الله لهم من الشامتين، بل إن لوضعهم غصّة في الفؤاد لا يزيلها إلا انفراج غمهم وهمهم! أما الورطة الثانية: فإنكما لن تجدا غداً في محفظتكما ريالاً واحداً يسعفكما لأن تقتنصا فرص المستقبل، والتي تنتظر أسهم الشركات ذات العوائد، واسألا نفسيكما وعقليكما حينها؛ ستجدان أنكما خسرتما مرتين، الأولى ممثلةً في خسارة أموالكما التي اشتريتما بها أسهم البوار، والثانية ممثلةً في مكاسب أموالكما المحتملة لو أنكما وضعتماها في أسهمٍ واعدة. قد يتساءل أحدهم في داخله؛ كيف لي أن أعرف الأسهم الواعدة والجيدة من الأسهم البائرة والخاسرة؟! ثم كيف أنتقي الأفضل بين تلك الأسهم حسب آلية فرز المؤشرات المالية الأساسية؟! إلى بقية الأسئلة القائمة بحيرتها في الكثير من الأذهان حول هذا الموضوع، ولكن قبل أن أجيب عن أي من تلك الأسئلة، لنتفق على توطئةٍ لا بد منها حتى نبلغ أقصى حدود الثقة والراحة ساعة اتخاذ القرار! إننا نتفق جميعاً على أن من لديه القدرة والتأهيل على اتخاذ القرار الاستثماري المناسب، لن يجد صعوبةً تذكر في البحث عن أفضل الخيارات الاستثمارية التي تناسب أهدافه وحدود قدراته المالية. فماذا بشأن من لم تتوافر لديه الفرصة أو القدرة على الإلمام والمعرفة بالحدود الدنيا من العلوم المالية والاستثمارية؟! أليس من الأولى له إذا لم يستطع أن يتعلم أو يفهم تلك الأساسيات المهمة لأي سببٍ كان، أن يفكّر في حلٍّ آخر غير التخبط بأمواله في لجة السوق، أو الخضوع لتخدير الشائعات المجهولة المصدر، ومن عجبٍ أن الحلول الأخرى والبديلة كثيرةٌ جداً، لعل من أهمها أن يولّي إدارة محفظته الاستثمارية أو أمواله لمن هو أهلٌ لهذا الأمر مهنياً، ونظامياً أن يكون مرخصاً له من هيئة السوق المالية. أعتقد أن بإمكاننا الآن أن نضع الإجابة الشافية على جميع الأسئلة الحائرة بالأذهان، التي أشرتُ إلى أمثلةٍ منها أعلاه، نبلورها هنا في خيارين لا ثالث لهما؛ الخيار الأول: أن يتولّى إدارة محفظتك الاستثمارية مديرون مرخصون من الهيئة، سنجدهم في أروقة الشركات الاستثمارية "مؤسسات الوساطة"، العائق الوحيد هنا أمام صغار المستثمرين أن هناك حدودا دنيا مرتفعة القيمة لحجم المحافظ الاستثمارية التي يمكن أن تتولى إدارتها تلك الشركات الاستثمارية، كما أن تكلفتها أيضاً مرتفعة. ولكن لدينا الخيار الثاني: وهو الخيار الأنسب أمام صغار المستثمرين الذين تنقصهم الخبرة والدراية، المتمثل في الصناديق الاستثمارية مقابل رسوم اشتراك وإدارة لا تقارن من حيث انخفاض مصاريفها مع الرسوم العالية للخيار السابق، أرشحها هنا على الرغم من كثرة اللغط والجدل الثائر حولها منذ اندلاع نيران 26 شباط (فبراير) 2006، وذلك لسببٍ بسيطٍ جداً؛ وهو أن حصر تقييم أدائها وكفاءتها فقط في الفترة التي عانت فيها سوق الأسهم المحلية الانهيار، سيجعلنا أمام درجةٍ من التقييم - أقل ما أصفها به أنها - متحيزة جداً وغير عادلة على الإطلاق، كون ما حدث للسوق خلال أزمته السابقة يُصنّف بكل المعايير على أنه انهيار وصلتْ نسبته إلى أكثر من 66 في المائة، بمعنى أن أسعار أصول السوق كافة قد تعرضتْ لانخفاضاتٍ حادّةٍ جداً بما فيها أسعار الأصول الجيدة، والتي عادةً ما تتركز فيها استثمارات الصناديق الاستثمارية! إضافةً إلى أن هذا النوع من التقييم الانتقائي، سيحجب عنا أرباحاً قياسية نجحت إدارات تلك الصناديق الاستثمارية في تحقيقها خلال الأجلين المتوسط والطويل، والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة وموثقة.