تراجعت أسعار النفط إلى أدنى معدل لها خلال فترة خمسة أسابيع، وذلك بعد تصريحات بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي حول وجود مخاطر حقيقية أمام الاقتصاد الأمريكي رغم أنه لم يتوقع حدوث كساد، لكن تقارير السوق تشير إلى أن إنشاءات المنازل في أدنى مستوى لها منذ ست سنوات. القناعة التي بدأت تتبلور في السوق أن الولايات المتحدة تتجه إلى نوع من التباطؤ الاقتصادي ستكون له انعكاساته في شكل ضعف في الطلب على النفط، ويبقى الانتباه مركزا حول ما سيقوم به مجلس الاحتياط والإدارة الأمريكية لتحسين الوضع الاقتصادي، وهو ما يعطي العوامل الاقتصادية دورا أكبر في مسار سعر البرميل أكثر من العوامل الجيوسياسية خلال الفترة المقبلة.
وأسهمت بعض الأخبار الخاصة في وضع الإمدادات في الضغط على الأسعار. فعلى الساحة الأمريكية حققت إمدادات الغاز زيادة ملحوظة في تكساس بلغت 2.5 في المائة، أو ما يعني 167 مليار قدم مكعب فوق متوسط خمس سنوات، كما يشار إلى أن فصل الشتاء سجل حتى الآن درجات حرارة أدفأ تصل إلى 6.1 في المائة مقارنة بالعام الماضي. كذلك استمر تدفق الإمدادات الخام من كندا، وبسبب ضعف تشغيل المصافي، فقد اتجهت هذه الكميات إلى المخزون. وأشارت الأرقام الدورية لإدارة معلومات الطاقة إلى حدوث بناء في المخزون لأول مرة منذ تسعة أسابيع.
فالمخزون من النفط الخام سجل زيادة بلغت 4.3 مليون برميل إلى 287.1 مليون بنهاية يوم التعامل في الحادي عشر من الشهر الحالي، وهو ما يفوق كثيرا توقعات "وول ستريت" التي كانت في حدود زيادة لا تتجاوز نصف مليون برميل فقط. البنزين من جانبه حقق زيادة بلغت 2.2 مليون برميل إلى 216.3 مليون، كما زادت المقطرات 1.1 مليون برميل إلى 129.8 مليون.
ويبدو أن قوة السوق التي شهدها العام الماضي كانت بسبب العوائق الخاصة بالطاقة الإنتاجية والقيود التي عليها أكثر منها بسبب نمو قوي في الطلب.
ومع هذه التطورات يبدو أن الاتجاه في اجتماع منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" في الأول من الشهر المقبل ألا يحدث تغيير في السقف الإنتاجي الرسمي. وكما قال أحد المحللين، فإذا لم ير الوزراء سببا لتغيير السقف في الشهر الماضي، فإنهم سيكونون أقل حماسا في اجتماعهم المرتقب، وهم في نهاية الأمر لا يحبون أن يظهروا بمظهر مَن يستجيب إلى الطلبات الأمريكية بزيادة الإنتاج.
من ناحية أخرى اتضح أن أكبر مصدر لزيادة الطلب يتركز في الصين، الهند والسعودية، وهو ما أدى إلى قيام الوكالة الدولية للطاقة إلى رفع تقديراتها لحجم الطلب العالمي بنحو 150 ألف برميل يوميا إلى 85.8 مليون برميل يوميا العام الماضي، يمكن أن ترتفع هذا العام إلى 87.8 مليون. وبصورة عامة زادت الإمدادات الشهر الماضي 870 ألف برميل يوميا من "أوبك"، أمريكا الشمالية بعض دول الاتحاد السوفياتي سابقا والبرازيل، كما وصل حجم الإمدادات من "أوبك" إلى 32 مليون برميل يوميا، خاصة بعد إضافة إنتاج الإكوادور وتحسن إنتاج إيران والإمارات التي تجاوزت مرحلة الصيانة لبعض حقولها.
ورغم هذا لا يزال سعر برميل النفط في حدود 90 دولارا، وهو ما يزيد بنحو 70 في المائة عمّا كان عليه قبل عام، الأمر الذي يزيد من حجم الضغوط التضخمية ويسحب بعض الموارد المالية التي كان يمكن استغلالها لتنشيط الوضع الاقتصادي