تراجعت الأسهم الأمريكية أمس بعدما أثارت تفاصيل حزمة تحفيز يقترحها البيت الأبيض شكوكا بشأن ما إذا كانت تقدم دفعة كافية للاقتصاد. وأعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش اليوم الجمعة خطة نهوض اقتصادي "تمثل 1 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي" ما قد يمثل 140 مليار دولار تقريبا، وتقوم على تخفيضات في الضرائب. وقال بوش "لإفساح المجال لاقتصادنا أن يواصل نهوضه ولتأمين وظائف، على الكونجرس والإدارة أن يعملا معا لإمرار خطة تحفيز اقتصادية في أسرع وقت". وأضاف أن هذه الخطة يجب أن تكون "بالغة الأهمية لتحقيق فرق في الاقتصاد"، وينبغي أن تشكل "نحو 1 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي". ويناهز إجمالي الناتج الداخلي الأمريكي 14 ألف مليار دولار. وشدد بوش على ضرورة أن تكون الخطة "مؤقتة" و"سريعة الفاعلية"، موضحا أنها ستستند إلى "خفض كبير في الضرائب".
ودعا الرئيس إلى تطبيق إجراءات طوارئ من أجل تعزيز الاقتصاد الأمريكي وذلك بالتركيز على خفض الضرائب بالنسبة للشركات والأفراد مشيرا إلى "مخاطر تراجع اقتصادي".
وبعد إعلان الخطة, هبط مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأمريكية الكبرى 70.07 نقطة أي ما يعادل 0.58 في المائة ليصل إلى 12089.14 نقطة.
وانخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" الأوسع نطاقا 14.56 نقطة أو 1.09 في المائة مسجلا 1318.69 نقطة.
ونزل مؤشر "ناسداك" المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 12.06 نقطة أو 0.51 في المائة إلى 2334.84 نقطة.
إلى ذلك, قال هنري بولسون وزير الخزانة الأمريكي، إن هناك حاجة ملحة لبرنامج تحفيز مالي لإعطاء دفعة للاقتصاد المتباطئ, لكنه قال إن الاقتصاد لا يواجه خطر التوقف عن النمو. وتابع بولسون في حوار تلفزيوني يتحدث عن التحركات السريعة لوضع خطة إنقاذ للاقتصاد المتضرر من أزمة الإسكان وأزمة الائتمان وارتفاع أسعار النفط "المسألة ليست طارئة لكن هناك حاجة ملحة".
وأضاف بولسون "العوامل الأساسية طويلة الأمد المؤثرة في اقتصادنا قوية. نحن نعتقد أن الاقتصاد سيواصل النمو ببطء لكنه تباطأ وهناك مخاطر أن يستمر في هذا الاتجاه والرئيس مهتم بشدة باتخاذ إجراءات سريعة من شأنها إعطاء دفعة للاقتصاد في أقرب وقت ممكن هذا العام". وأدلى بولسون الذي كان يرأس بنك جولدمان ساكس قبل توليه الوزارة بأحاديث لأكبر ثلاث شبكات تلفزيونية لتوجيه رسالة من شأنها طمأنة الناس إلى أن إدارة بوش عازمة على الحصول على موافقة على خطة التحفيز في أسرع وقت.
وساند الرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي بن برنانكي إجراءات الحكومة لإعطاء دفعة إلى الاقتصاد المتباطئ لمساعدته على تجنب الدخول في مرحلة ركود. وبدا بوش - الذي يواجه دعوات من الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون للتدخل - أنه يؤيد قانونا يهدف إلى تحفيز الاقتصاد وذلك بعد عودته من جولته في منطقة الشرق الأوسط.
وقال توني فراتو المتحدث باسم البيت الأبيض، أمس الأول: "أعتقد أن الرئيس يعتقد أنه على المدى القصير من الضروري أن تكون هناك دفعة للتعامل مع تراجع الاقتصاد". ويعتقد على نطاق واسع أن بوش يؤيد بعض الأشكال من خفض الضرائب مؤقتا لكن فراتو رفض الخوض في التفاصيل. وقال إن بوش يعتزم بحث العناصر الممكنة لبرنامج التحفيز الاقتصادي مع أعضاء بارزين في الكونجرس. ومثل البيت الأبيض، لم يذهب برنانكي في تصريحاته إلى توقع حدوث ركود في أكبر اقتصاد في العالم. وقال برنانكي في شهادته أمام لجنة الميزانية في مجلس النواب إننا "لا نتوقع حدوث ركود، إننا نتوقع نموا متباطئا".
وقال إن أي برنامج تحفيزي يوافق عليه بوش والكونجرس ينبغي أن يكون مؤقتا ويستهدف تعزيز النمو في الأجل القريب بما لا يزيد من عجز الميزانية الاتحادية. وأضاف أنه "لكي يكون مفيدا، فإن البرنامج التحفيزي المالي ينبغي أن يتم تطبيقه سريعا ووضع هيكله من أجل الإحساس بآثاره في الإنفاق الإجمالي بأكبر قدر ممكن خلال الـ 12 شهرا المقبلة أو نحو ذلك". وأوضح أن أزمة سوق العقارات مصحوبة بارتفاع أسعار الطاقة وتراجع أسعار الأسهم وتدني قيمة المنازل، والزيادة التي طرأت على عدد العاطلين في كانون الأول (ديسمبر) ستلقي بثقلها على إنفاق المستهلكين. وأضاف أن "المعلومات المرتقبة تشير إلى أن التوقعات القياسية للنشاط. (الاقتصادي) الحقيقي في عام 2008 قد ازدادت سوءا وأصبحت المخاطر النزولية للنمو أكثر وضوحا". وكان معدل البطالة الأمريكي قد قفز إلى 5 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) مقابل 4.7 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وأشار برنانكي بقوة إلى أن مجلس الاحتياطي قد يخفض أسعار الفائدة لزيادة الإنفاق الاستهلاكي والاستثمارات خلال اجتماعه المقبل يومي 29 و30 كانون الثاني (يناير) الجاري، بغية تخفيف الضغوط على الاقتصاد الذي بدأت قوته تضعف. وقال إنه "في ضوء التغيرات التي طرأت أخيرا على التوقعات (الاقتصادية) والمخاطر التي تكتنف النمو، فإنه قد يكون من الضروري جدا انتهاج سياسة مرنة إضافية". وأشار برنانكي إلى أن مجلس الاحتياطي قد خفض أسعار الفائدة إلى 4.25 في المائة من 5.25 في المائة منذ أيلول (سبتمبر) لمواجهة التراجع في سوق الإسكان وأزمة الائتمان التي نشأت عن أزمة قروض التمويل العقاري عالية المخاطر في الولايات المتحدة